الكثير من الأرقام المفزعة يقابلها الكثير من "الدعاية الكاذبة"، تلك هي حقيقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع وباء "كورونا" (الفيروس التاجي الجديد COVID-19).
لا يزال عدد الأشخاص الذين يموتون كل أسبوع بسبب هذا الوباء أكثر من ضحايا الحادي عشر من أيلول - سبتمبر، كما تظهر أحدث البيانات من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن ما يقرب من 24 مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من عواقب طويلة المدى للفيروس التاجي الجديد.
مقابل ذلك هناك الكثير من الدعاية الكاذبة قامت بها الحكومة الأمريكية من أجل تنفيذ سياسة سلبية للوقاية من الوباء. فمنذ بداية تفشيه، استمرت تلك الحكومة، وكذا مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، والخبير الأمريكي في الأمراض المعدية فاوسي، في الترويج لمقولة "الأقنعة غير مجدية".
وكانت حقيقة هذا الوباء من التفشي والانتشار بحيث لم تعد تلك السياسة السلبية مجدية. حيث أدت سياسة الوقاية من الأوبئة السلبية إلى عواقب وخيمة إحداها أن الوباء تسبب في عدد كبير من الوفيات في الولايات المتحدة تجاوز المليون شخص، بحسب موقع "أتلانتيك مانثلي".
في 14 سبتمبر 2020، قالت صحيفة "بريتيش ميديكال جورنال" البريطانية إن "عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا والوفيات المؤكدة في الولايات المتحدة هو الأعلى إلى حد بعيد في العالم" وفي ديسمبر 2020، أصدرت جمعية الممرضات في الولايات المتحدة بيانًا يفيد بأن الممرضات الأمريكيات لم يعدن يثقن في لقاح COVID-19 المنتج على عجل، وأن الطاقم الطبي قلق بشأن سلامة اللقاح وغير مستعدين لأن يصبحوا خنازير لإجراء التجارب، غير أن الإدارة الأمريكية ماضية في تعمد الكذب على شعبها عبر طمأنته بمواعيد عرقوب وبكون الأمر ليس على درجة من الخطورة.
وحتى تبدو متماسكة وواثقة، وعدت علنا في يونيو 2021، وعبر أعلى تمثيل لها، الرئيس جون بايدن، بأنها ستوفر 80 مليون جرعة من اللقاحات لمناطق مختلفة من العالم بغضون شهر، لإثبات قدرة الولايات المتحدة على التصرف استجابة لوباء الفيروس والانخراط في "دبلوماسية اللقاح".
هذه التسمية بحد ذاتها "دبلوماسية اللقاح" تكشف عن مدى عجز الإدارة الأمريكية عن التعامل مع المشكلة. ولأنها فشلت معها، سرعان ما صرح البيت الأبيض أنه بسبب العقبات اللوجستية والتنظيمية في الولايات المتحدة، فقد تباطأت وتيرة "دبلوماسية اللقاح"، والوعد بتوفير اللقاحات لم يتم الوفاء به.
لم تقتصر عواقب الفيروس التاجي الجديد على ذلك فحسب، بل أثرت أيضا وبشكل خطير على توظيف القوى العاملة.
وجاء في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الشهيرة أن الفيروس التاجي الجديد تسبب في جعل ملايين العمال غير قادرين على العمل بشكل طبيعي ، مما أدى إلى خفض الإنتاجية وتعطيل النظام الطبيعي للعمليات التجارية، كما أفاد معهد بروكينغز بالولايات المتحدة أن ما يقرب من 2 إلى 4 ملايين أمريكي عاطلون عن العمل بسبب عواقب الوباء. ووفقًا لتقرير المعهد، تأثر 16.3 مليون (حوالي 8%) من الأمريكيين في سن العمل بشدة من آثار الوباء، فيما يقترب إجمالي خسارة الأجور السنوية من 200 مليار دولار أمريكي.
وأكد التقرير أن وباء التاج الجديد أدى بشكل خطير إلى تراجع أداء الاقتصاد الأمريكي وفاقم الأزمة المالية للأسر، مشيرا إلى أنه إذا استمرت الحكومة في عدم فعل أي شيء ، فمن المرجح أن يزداد الوضع سوءًا.
كما كشف تقرير صادر عن مؤسسة عائلة كايزر أن عدد الحالات والوفيات في الولايات المتحدة (الأمريكيون من أصل أفريقي، والأسبان، والأمريكيون الأصليون ، وغيرهم) كان أعلى بكثير من عدد المصابين. وتُظهر البيانات اعتبارًا من فبراير 2022 أن معدل الإصابة ومعدل الوفيات عند الأشخاص الملونين في الولايات المتحدة أعلى بكثير من معدل العرق الأبيض، كما أن معدل الوفيات بالنسبة للأمريكي الأصلي هو ضعف العرق الأبيض.
وهذا كله يعكس مدى التعامل العنصري للحكومة الأمريكية في التعامل مع مواطنيها في ما يخص الرعاية الاجتماعية، وبحسب موقع "الجارديان" البريطاني تعمق غزو الفيروس التاجي الجديد على الفئات الضعيفة ذات المقاومة الضعيفة من كبار السن، حيث تنفق الولايات المتحدة أقل بكثير من الدول الأخرى على الرعاية طويلة الأجل في دور رعاية المسنين ، مما أدى إلى وفاة حوالي ثلاثة أرباع الأمريكيين من كبار السن بسبب الفيروس، وفقًا لشيلا ديفيس، الرئيس التنفيذي لمنظمة شركاء في الصحة، منهم أكثر من 150.000 من المقيمين في دور رعاية المسنين.
وفي أكتوبر 2022، قرر الكونجرس الأمريكي إلغاء التغطية المالية الفيدرالية للقاح الخاص بالفيروس،
هذا بالنسبة للداخل الأمريكي، أما على المستوى الدولي فقد عملت الولايات المتحدة من خلال أخطائها الاستراتيجية في التعامل مع الفيروس، على تفاقم انتشاره عالميا، حيث تظهر البيانات من كندا وإسرائيل واليابان ودول أخرى أن معظم حالات COVID-19 المبكرة في البلاد جاءت أيضًا من الولايات المتحدة.